الذكاء الاصطناعي يعيد رسم ملامح الطب الحديث: التشخيص الدقيق

يشهد القطاع الطبي العالمي تحوّلا جذريا بفضل الطفرات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي (AI)، حيث أصبحت الخوارزميات الذكية أداة أساسية في تشخيص الأمراض وتحليل الصور الطبية وتطوير خطط علاجية مخصصة، وحتى تقديم رعاية صحية تنبؤية قبل ظهور الأعراض.
وفي تطور لافت، باتت أنظمة الذكاء الاصطناعي قادرة على تحليل صور الأشعة السينية والطبقي المحوري بدقة تتجاوز في بعض الحالات تشخيص الأطباء ذوي الخبرة وتشير تقارير طبية حديثة إلى أن أدوات الذكاء الاصطناعي في مجال الأشعة تساعد على اكتشاف السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية في مراحل مبكرة، ما يرفع فرص الشفاء ويقلل من تكلفة العلاج.
من جهة أخرى، يشهد مجال الجينوميات طفرة كبيرة بفضل الذكاء الاصطناعي، حيث تُستخدم الخوارزميات لفهم الطفرات الجينية وتحديد العلاجات الأكثر فعالية لكل مريض على حدة، فيما يُعرف بـ"الطب الدقيق" وتعمل شركات تقنية عملاقة مثل Google Health وIBM Watson Health على تطوير أدوات ذكاء اصطناعي تتيح تصميم خطط علاجية مخصصة بناءً على الحمض النووي للفرد وسجله الطبي.
وفيما يخص الرعاية اليومية، بدأت تطبيقات مدعومة بالذكاء الاصطناعي تُستخدم لمراقبة المؤشرات الحيوية للمرضى عن بُعد، وتنبيه الأطباء فور ظهور أي خلل. كما يتم تدريب روبوتات محادثة ذكية على تقديم استشارات طبية أولية والتواصل مع المرضى بلغة طبيعية، ما يخفف الضغط عن الطواقم الطبية.
ورغم هذه التطورات، يثير اعتماد الذكاء الاصطناعي في الطب تساؤلات أخلاقية حول حماية البيانات، والاعتماد المفرط على الخوارزميات، وضمان العدالة في الوصول إلى التقنيات الحديثة. لكن المتفق عليه أن الذكاء الاصطناعي لم يعد رفاهية، بل ضرورة متنامية في عصر الطب الحديث.
وفي ظل هذه التحولات، يُتوقع أن تتزايد شراكات بين شركات التكنولوجيا والمؤسسات الطبية، بهدف تطوير نماذج ذكاء اصطناعي أكثر أمانًا وفعالية، تضع المريض في قلب كل قرار.


