نقلة نوعية في إدارة موسم الحج
الذكاء الاصطناعي في خدمة ضيوف الرحمن بالسعودية

سخرت المملكة العربية السعودية أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي لإدارة وتنظيم موسم الحج لهذا العام، الذي يشهد توافد أكثر من 1.4 مليون حاج من شتى أنحاء العالم إلى مكة المكرمة.
ومن داخل غرفة تحكم مركزية تم إنشاؤها خصيصًا لهذا الغرض، يعمل مسؤولون سعوديون على مدار الساعة، مستعينين بأكثر من 15 ألف كاميرا ذكية موزعة في أرجاء مكة والمشاعر المقدسة، إضافة إلى أنظمة تحليل بيانات متطورة قادرة على التنبؤ بمناطق الازدحام ورصد أي خلل في حركة الحشود.
وفي هذا السياق، أوضح محمد نزير، المدير التنفيذي للمركز العام للنقل في الهيئة الملكية لمدينة مكة، أن الكاميرات المزوّدة بطبقات من الذكاء الاصطناعي تعمل على تحليل حركة المرور وتحديد المناطق الأكثر ازدحامًا، بما يساعد على التنبؤ بسلوك الحشود وتوجيهها بطريقة تضمن سلامتها وسهولة تنقّلها.
وأضاف أن المركز يشرف أيضًا على تتبع أكثر من 20 ألف حافلة تنقل الحجاج بين المواقع المقدسة، مشيرًا إلى أن ما يقارب 17 ألف حافلة تتحرك في وقت واحد خلال ذروة أيام الحج.
من جانبه، وصف محمد القرني، المدير العام للحج والعمرة في الهيئة الملكية لمكة، غرفة العمليات بأنها "العين الرقيبة" التي تتابع تنفيذ الخطط الميدانية لحظة بلحظة وقال إن الأنظمة المعتمدة لا تكتفي برصد الأعداد والمسارات، بل تتيح للسلطات استشعار الحالات الطارئة قبل وقوعها.
وأشار إلى تجربة سابقة خلال شهر رمضان، حيث مكّنت هذه الأنظمة السلطات من اكتشاف بلوغ المسجد الحرام طاقته الاستيعابية في الوقت الفعلي، ليتم على الفور إيقاف دخول المصلين للحفاظ على سلامتهم.
تُعد هذه الخطوة جزءًا من خطة التحول الرقمي الأوسع التي تتبناها المملكة ضمن رؤية السعودية 2030، والتي تهدف إلى تحسين تجربة الحجاج وضمان أعلى معايير السلامة والتنظيم.
ويُذكر أن السعودية واجهت تحديات كبيرة في مواسم الحج السابقة، من أبرزها حادثة التدافع في عام 2015، مما دفعها إلى تبني حلول تقنية متقدمة للوقاية من أي طارئ مستقبلي.
وبفضل هذا التوظيف الذكي للتكنولوجيا، يبدو أن موسم الحج هذا العام يسير بوتيرة أكثر انسيابية وأمانًا، ما يتيح لضيوف الرحمن أداء مناسكهم في أجواء من الطمأنينة والتنظيم المحكم.