فرحة TV
الأربعاء 30 يوليو 2025 09:45 مـ 4 صفر 1447 هـ
فرحة TV
رئيس مجلس الادارةوليد أبو عقيلرئيس التحريرسيد عبد النبي

الذكاء الاصطناعي يُعيد اكتشاف طب الأعشاب: دمج التراث مع التقنية لصحة أفضل

الأعشاب الطبية
الأعشاب الطبية

لم يعد الذكاء الاصطناعي مقتصرا على الروبوتات أو تحليل البيانات الرقمية، بل امتد ليشمل مجالات تقليدية وعريقة مثل طب الأعشاب، حيث يسهم الآن في إحداث تحول جذري في كيفية استخدام النباتات الطبية وتطوير تركيبات علاجية أكثر دقة وفعالية.

لطالما اعتمد طب الأعشاب على الخبرة البشرية المتراكمة والمعرفة الشعبية المتوارثة، لكن هذه المعرفة رغم غناها، ظلت عرضة للتباين وعدم الدقة هنا يأتي الذكاء الاصطناعي ليردم هذه الفجوة، من خلال تحليل ضخم للبيانات المتعلقة بالأعشاب واستخداماتها وتجميعها وتصنيفها وفق معايير علمية، مع ربطها بنتائج طبية وتجريبية.

أحد أبرز أدوار الذكاء الاصطناعي في هذا السياق هو تحليل التراكيب النباتية وتحديد المركبات النشطة المسؤولة عن التأثيرات العلاجية. من خلال خوارزميات متقدمة، يمكن للأنظمة الذكية مقارنة مئات الدراسات والأبحاث حول نبتة معينة، واستخلاص الأنماط التي تدعم فعاليتها، وتحديد الجرعات المثالية التي تحقق النتائج المرجوة بأقل آثار جانبية.

كما تُستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي في التشخيص التنبؤي، حيث يتم ربط أعراض المرضى بقاعدة بيانات واسعة تحتوي على آلاف الحالات والوصفات العشبية، ما يساعد المعالجين بالأعشاب أو الصيادلة التقليديين في اختيار التركيبة الأمثل لكل مريض بناءً على حالته الفردية، تاريخه الصحي وحتى جيناته.

وفي خطوة أكثر تقدمًا، بدأت بعض المنصات الطبية باستخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير وصفات عشبية جديدة تمامًا، عبر دمج أعشاب غير معتادة معًا بناءً على تحليل التآزر بينها، وهي خطوة لم يكن من الممكن تصورها من قبل دون سنوات من التجربة والخطأ.

كذلك، تُستخدم تقنيات "الرؤية الحاسوبية" والذكاء الاصطناعي في التعرف على الأعشاب تلقائيًا من خلال تطبيقات الهاتف المحمول. يكفي أن يلتقط المستخدم صورة لنبتة معينة، لتقوم الخوارزمية بتحديد نوعها، خصائصها، استخداماتها المحتملة، والتحذيرات المرتبطة بها إن وُجدت.

من جهة أخرى، يُساعد الذكاء الاصطناعي في ضمان جودة المنتجات العشبية، من خلال متابعة سلاسل التوريد وتحليل مكونات المستحضرات للتأكد من مطابقتها للمواصفات، ما يقلل من الغش التجاري أو التركيبات غير المدروسة التي قد تسبب أضرارًا صحية.

ورغم هذه الإنجازات، إلا أن دمج الذكاء الاصطناعي في طب الأعشاب يثير نقاشات مهمة، أبرزها: هل يمكن للآلة أن تحل محل الحكمة البشرية المتراكمة؟ وهل ستُصبح وصفات الأجداد ملكًا للخوارزميات؟ الجواب الأرجح هو أن الذكاء الاصطناعي لا يُلغي التراث، بل يُعيد تنظيمه وتقديمه بشكل أكثر علمية وكفاءة، ما يمهّد الطريق لحقبة جديدة من "الطب التكاملي الذكي".

ويبدو أن المستقبل سيشهد تعاونا أكبر بين المعالجين التقليديين، والعلماء، ومطوري الذكاء الاصطناعي، لتطوير نماذج تشخيص وعلاج تجمع بين قوة التكنولوجيا وجذور الطبيعة، بهدف تقديم رعاية صحية شاملة وآمنة.

موضوعات متعلقة