مريم بلعاليا الكاتبة والشاعرة الجزائرية
”أرض آمنة”.. رواية تتنفس بالحب والحرب في عوالم مفصولة بجدار الخوف

في خضم واقع متشظٍّ بين مدينتين، واحدة تنام على وسادة الرفاه، والأخرى تصحو كل يوم على صفير الفقر، تأتي رواية "أرض آمنة" لتعيد تشكيل الأسئلة القديمة: من يملك الحق في الحياة؟ ومن يقف خلف الجدران؟
الرواية، التي تندرج تحت صنف الأدب الاجتماعي الممزوج بنفحات الفانتازيا، تحمل توقيع كاتب شاب استطاع أن ينسج نصًا روائيًا يزاوج بين جمال اللغة وحرقة القضايا. تدور أحداثها بين "مدينة العز" و"مدينة العوز"، حيث تسافر البطلة "لارا"، وهي طبيبة من الطبقة الراقية، إلى عالم مجهول خلف البحر، بحثًا عن ذاتها، وعن أملٍ ما في مداواة أرواح سُحقت تحت رحى التهميش.
ما يلفت الانتباه في العمل هو قدرة الكاتب على تصوير التحولات النفسية لشخصياته، خاصة "لارا" التي تفقد ذاكرتها بعد حادث غرق، وتجد نفسها تُعرف باسم "كيارا"، بين أناس بسطاء في مدينة العوز. وهناك تبدأ رحلتها الثانية، لا كطبيبة هذه المرة، بل ككائن يبحث عن جذوره في الطين، في الألم، وفي الحب.
الرواية لا تكتفي بسرد قصة رومانسية بين لارا و"عمر"، الشاب الغامض ذو القوى المظلمة، بل تتعدى ذلك إلى مساءلة الصراع الطبقي، والتشكيك في مشروعية السلطة، وتفكيك الثنائيات التي رسختها المجتمعات: الغني/الفقير، النور/الظلام، الذكرى/النسيان.
ولعل أبرز ما يحسب لهذا العمل هو توازنه بين اللغة الشعرية والسرد المتماسك، حيث لا يطغى الجانب الجمالي على بنية الحكاية. كما أن الحوار كان نابضًا بالحياة، يعكس واقعية الشخصيات وتناقضاتها.
يُذكر أن الرواية في طريقها للترجمة إلى لغات أخرى، بعد أن لاقت اهتمامًا من قراء شباب وجدوا أنفسهم في مرآة هذه العوالم المتقابلة، التي وإن بدت خيالية، إلا أنها تشبهنا كثيرًا.
"أرض آمنة" ليست فقط عنوانًا، بل حلمًا يسكن الهاربين من جدران الواقع. هي رواية تُقرأ بنبض القلب، وتُترك على الرف كصرخة صامتة ضد الحروب، والتفرقة، والحرمان.
مريم بلعاليا الكاتبة والشاعرة الجزائرية السيرة الذاتية
مريم بلعاليا، كاتبة وشاعرة جزائرية من مواليد 2001، تُقيم في الجزائر وتتابع دراستها الجامعية في تخصص البيولوجيا. ورغم انشغالها بالمسار العلمي، لم تنفصل يومًا عن شغفها بالكتابة والسرد. تحمل بين دفتي قلمها نظرة إنسانية عميقة، وقدرة فريدة على تحويل المشاهد اليومية والمواضيع الاجتماعية إلى نصوص تنبض بالحياة.
"أرض آمنة" هي أولى تجاربها الروائية المنشورة، وقد نجحت من خلالها في أن تُثبت أن الإبداع لا يعترف بالحدود ولا بالتخصصات، بل ينبع من الإحساس الصادق والرغبة في التغيير.
