البنك الفيدرالي الأمريكي يدرس فتح حسابات مخصصة لشركات التكنولوجيا المالية

أعلن عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي كريستوفر والر أن البنك المركزي يدرس إنشاء نوع جديد من الحسابات المخصصة لشركات التكنولوجيا المالية وذلك بهدف تسهيل وصولها إلى أنظمة الدفع التابعة للفيدرالي الأمريكي في خطوة جديدة قد تغير شكل العلاقة بين المؤسسات المالية التقليدية وشركات التكنولوجيا المالية (Fintech).
وأوضح والر، خلال مشاركته في مؤتمر حول الابتكار في أنظمة الدفع، أن الفكرة المطروحة تعتمد على ما يسمى بـ "حسابات الدفع" (Payment Accounts) أو ما وصفه بـ "الحساب الرئيسي المحدود" (Limited Master Account).
وتعد هذه الخطوة محاولة من البنك المركزي لتوسيع نطاق المشاركة في البنية التحتية للمدفوعات الأمريكية، بحيث لا تبقى حكرًا على البنوك التجارية فقط، كما هو الحال منذ عقود.
ووفقًا للتصور المبدئي، فإن هذه الحسابات ستتيح لشركات التكنولوجيا المالية — بما في ذلك شركات الأصول الرقمية والعملات المشفّرة — إمكانية الوصول المباشر إلى أنظمة الدفع الفيدرالية، دون أن تكون ملزمة بالحصول على حساب مصرفي تقليدي كامل مثل البنوك، وأشار والر إلى أن هذه الحسابات ستكون محدودة المخاطر والوظائف، ولن تعمل بنفس آلية الحسابات البنكية المعتادة.
فهي لن تدفع فوائد على الإيداعات، ولن يُسمح فيها بالسحب على المكشوف أو الاقتراض، كما يمكن فرض قيود على حجم الأرصدة الموجودة فيها وبهذا، تكون أقرب إلى أداة تشغيلية تسمح لشركات التقنية المالية بالمشاركة في نظام المدفوعات الوطني بشكل آمن ومنظم.
دعم شركات التكنولوجيا المالية
تأتي هذه المبادرة ضمن توجه أوسع للولايات المتحدة نحو تحديث منظومة المدفوعات ودعم الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية، التي أصبحت خلال السنوات الأخيرة أحد المحركات الأساسية للتطور المالي العالمي.
ويرى خبراء القطاع أن منح هذه الشركات إمكانية الوصول المباشر إلى البنية التحتية للمدفوعات قد يؤدي إلى زيادة المنافسة وتحسين جودة الخدمات المصرفية الرقمية، بما في ذلك حلول الدفع الفوري والتحويلات العابرة للحدود.
وفي الوقت نفسه، يسعى الفيدرالي الأمريكي إلى تحقيق توازن دقيق بين تشجيع الابتكار وضمان الاستقرار المالي، خاصة في ظل التوسع المتسارع لتقنيات البلوكتشين والعملات الرقمية وتطبيقاتها في أنظمة الدفع الذكية.
رغم الحماس للمبادرة، أشار والر إلى أن المشروع لا يزال في مرحلة الدراسة الأولية، وأن البنك المركزي سيجري مشاورات موسّعة مع الأطراف المعنية خلال الفترة القادمة، لتقييم المنافع والمخاطر المحتملة قبل اتخاذ أي خطوات تنفيذية.
ومن أبرز المخاوف المطروحة، احتمال تعقيد الإشراف المالي أو فتح الباب أمام استخدام هذه الحسابات لأغراض غير قانونية إن لم تُضبط بضوابط صارمة.
كما يرى بعض المراقبين أن منح شركات التكنولوجيا المالية وصولًا مباشرًا إلى أنظمة الفيدرالي قد يخلق نموذجًا مصرفيًا موازيًا للبنوك التقليدية، ما يستدعي وضع أطر تنظيمية دقيقة تحافظ على المنافسة العادلة وتمنع التداخل في المهام بين القطاعين.
العلاقة بين البنك الفيدرالي وشركات التكنولوجيا المالية
تتزامن هذه الخطوة مع اهتمام عالمي متزايد بدمج الابتكار التكنولوجي في النظام المالي، حيث تعمل بنوك مركزية عدة — في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط — على إطلاق مبادرات مشابهة تتيح لشركات التقنية المالية التعامل المباشر مع أنظمة الدفع الوطنية، سواء عبر محافظ رقمية مرخصة أو حسابات محدودة الأغراض.
ويرى محللون أن الفيدرالي الأمريكي، بصفته أكبر بنك مركزي في العالم، يسعى من خلال هذه الخطوة إلى قيادة مرحلة جديدة من التحول الرقمي المالي، تضمن انخراط شركات الابتكار ضمن النظام المالي الرسمي بطريقة آمنة مستدامة.
وتفتح مبادرة "الحسابات المحدودة" بابًا جديدًا أمام شركات التكنولوجيا المالية في الولايات المتحدة لتكون جزءًا مباشرًا من النظام المالي الفيدرالي.
وبينما لا تزال الفكرة قيد الدراسة، إلا أن مجرد مناقشتها يعكس تحولًا في نظرة البنوك المركزية إلى الابتكار المالي، من كونه تحديًا تقنيًا إلى كونه فرصة استراتيجية لتطوير البنية التحتية المالية العالمية.