المشخصاتي يعلو والقيم تدفن تحت التراب

عندما قال الشاعر نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا ونهجو ذا الزمان بغير ذنب ولو نطق الزمان بنا هجانا
نحن في زمن انقلبت فيه الموازين صار الضجيج والصوت العالي أقوى من الصوت الحق وصارت الأضواء تسلط على الوجوه المزيفة التي ليس لها قيمة بينما يدفن أصحاب العقول النيرة وأهل القيم العالية والقيمة والقامة في ظلام النسيان تحت التراب
المشخصاتية أولئك الذين يعيشون على التمثيل والتصنع اعتلوا المنابر وتصدروا المجالس وصاروا يقودون الرأي العام بخطابات جوفاء وكلمات منمقة بلا فكر ولا مبدأ
أما أصحاب العلم. وأرباب الأخلاق والذين أفنوا أعمارهم في البحث والإنجاز وخدمة أوطانهم فقد أُقصوا ودفنوا وهم أحياء تحت ركام التهميش أو أُغلق عليهم باب التاريخ بلا ضوء ولا ذكر في أي مناسبة
حقا إنها مأساة حضارية أن يكرم الممثلون على مسرح الحياة بينما العلماء الحقيقيون يؤدون أدوارهم في صمت رهيب بلا تصفيق ولا كلمة تشجيع وبلا حتى نظرة امتنان او شكر . المأساة الحقيقية أن يعلو التافهون لأنهم يتقنون فن الظهور ويدفن أصحاب القيمة لأنهم لا يجيدون التطبيل ولا يساومون على الحق
لكن الحقيقة مهما حاولوا التافهين دفنها لا تموت ابدا وأصحاب الرسالة وإن غابوا عن المشهد وعن الواقع فان أثرهم خالد في النفوس. محفور في العقول باق في ضمير الزمن وضمير الأتقياء حتى وإن حاول المشخصاتية إغراقه في وحل النسيان او تحت التراب
فلابد أن يأتي يوم ينكشف فيه الستار وتنطفئ الأضواء الزائفة الخادعة ويبقى فقط نور الحق ويعرف الناس كم كان ظلمهم لأهل العلم كبيرًا وكم كان رفعهم للمشخصاتية سقوطا أخلاقيا مدويا لكن حينها ربما يكون الوقت قد فات وقد دفنا للاسف في التراب. ....تحياتي