وليام بيرنز ”رجل المهام الصعبة”
بعد وصول الحرب علي قطاع غزة الي آخر محطة، وإعلان قادة إسرائيل عن نيتهم اجتياح مدينة رفح الفلسطينية، المكتظة بأكثر من مليون وثلث المليون نازح، والمتاخمة للحدود المصرية، ومع رفض مصر القاطع لاقتحام محور صلاح الدين الحدودي، وتعقد الأمور بين الإدارات المصرية والأمريكية والإسرائيلية ، جاء وزير الخارجية الأميركي توني بلنكن إلى المنطقة.
وبعد فشل بلنكن في مهمته، عاد إلى بلاده وأرسل وليم بيرنز مدير وكالة الاستخبارات الأميركية المركزية (ال CIA). أصبح بيرنز هو رجل المهام الصعبة، عندما تتعثر السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، أو في أوروبا أو في أفغانستان أو في أي مكان آخر حول العالم.
فمن هو وليام جوزيف بيرنز؟ ولماذا يحظي بهذا القدر الهائل من التقدير والاحترام في الأوساط الدولية؟ سؤال نحاول أن نجد له إجابة.
أولا: النشأة والتعليم،
ولد في أبريل سنة ١٩٥٦ (٦٨ سنه) بولاية كارولاينا الشمالية، علي الشاطئ الشرقي للولايات المتحدة. والده كان جنرالا عسكريا كبيرا في الجيش الأمريكي، درس وليم التاريخ وحصل علي درجته الجامعية الأولى في جامعة لا-سال المرموقة،
(La Salle University)
في فيلادلفيا، بولاية بنسلفانيا الأمريكية . وبعدها حصل علي منحة مارشال لدراسة الماجستير والدكتوراة في كلية سانت جونز-جامعة أكسفورد، أعرق الجامعات الإنجليزية، ودرس العلاقات الدولية وكان موضوع رسالته عن "المساعدات الاقتصادية والسياسيات الأمريكية تجاه مصر بين أعوام ١٩٥٥-١٩٨١. "، وانتهت الدراسة سنة ١٩٨٥.
"Economic Aid and American Policy toward Egypt, 1955–1981".
ثانيًا: خبراته الدبلوماسية والسياسية،
شغل بيرنز منصب سفير الولايات المتحدة في الأردن من ١٩٩٨ إلى ٢٠٠١ ، وهناك تعلم اللغة العربية. وعمل مساعدًا لوزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى من ٢٠٠١ إلى ٢٠٠٥. ثم عمل سفيرًا للولايات المتحدة لدى روسيا من ٢٠٠٥-٢٠٠٨، وهناك تعلم اللغة الروسية. ثم عمل وكيلًا لوزارة الخارجية للشؤون السياسية من ٢٠٠٨ إلى ٢٠١١، ثم نائبًا لوزير خارجية الولايات المتحدة بين أعوام ٢٠١١-٢٠١٤. تقاعد عن العمل في السلك الدبلوماسي سنة ٢٠١٤، وتولي رئاسة مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي بين أعوام ٢٠١٤-٢٠٢١. رشحه الرئيس جو بايدن في يناير ٢٠٢١ لرئاسة وكالة المخابرات المركزية.
ثالثًا:سماته الشخصية وخبراته التفاوضية،
اكتسب بيرنز خبراتٍ هائلةً متراكمةً من دراسته للتاريخ في دراسته الجامعية، ثم من دراسته في جامعة أكسفورد في إنجلترا، ودراسته للعلاقات الدولية. وأفادته دراسته الأكاديمية عن علاقة المساعدة الاقتصادية الأمريكية لمصر عن فهم العلاقة بين الولايات المتحدة وأكبر دولة عربية. وأكسبه عمله الدبلوماسي كسفير في الأردن وروسيا وداخل أروقة وزارة الخارجية الأمريكية علي مدار ٣٣ سنة، لفهم المشاكل الدولية شديدة التعقيد، مثل الملف النووي الإيراني ؛ حيث قاد بيرنز الوفد الأمريكي في المفاوضات مع إيران بشأن برنامجها النووي، وتوجت باتفاق تاريخي في عام ٢٠١٥.
اعتاد بيرنز العمل لصالح بلاده دون النظر إلى الإدارة الموجودة داخل البيت الأبيض ، بالإضافة إلى ذلك وصف المقربين من بيرنز، إنه يتميز بالهدوء الشخصي والقدرة علي الإقناع والتفاوض، حيث يجيد التحدث بالإنجليزية والفرنسية والروسية والعربية؛ ولذا فهو يتواصل مع المسؤولين الدوليين بلغتهم. وحسب ماهو معروف عنه، فهو يمتاز بقدرته على الإصغاء أكثر من التحدث في جلسات التفاوض.
وفي قضايا الشرق الأوسط ، يرى بيرنز أن تقوم الولايات المتحدة بدور فعال. وقال أمام لجنة الكونجرس الأمريكي: إن الاهتمام الأميركي والقيام بدور في الشرق الأوسط ضرورة وليس خياراً.
وفي النهاية، اعتقد أنه يمكن من خلال دراسة السيرة الذاتيه لمدير أكبر وكالة استخبارات في العالم، مستر وليم بيرنز، أن نتفهم كيف يتم اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب لخدمة بلاده بصرف النظر عن الإدارة التي تحكم أو حزب الرئيس ، إنه فقط يخدم مصالح الشعب الأمريكي .